الدكتور محمد عمران يكتب: دروس من الهجرة النبوية

مما لا شك فيه أن الهجرة النبوية كانت حدثا عظيما غير مجرى التاريخ، وأثَّر في حياة البشرية كلها، وكانت فرقانا فرق الله به بين الحق والباطل، وكانت السبيل إلى وضع أسس الدولة الإسلامية التي خرج منه الدعاة والمجاهدون الذين نشروا نور الله في الأرض، وعلى أيديهم دخل الناس في دين الله تعالى أفواجا. والمتأمل في أحداث الهجرة النبوية يجد العديد من الدروس والعبر التي ينبغي استلهامها والتوقف عندها والأخذ من معينها في حياتنا اليومية والعملية، ومن هذه الدروس والعبر:

التخطيط الجيد والأخذ بالأسباب:

نري ان سيدي وحبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يعد للأمر عدته، فيختار التوقيت المناسب، ويختار الصديق المناسب، والمكان الأمثل، ويختار الطريق بعد دراسة كل الأمور ويوظف الطاقات المتاحة أفضل توظيف ممكن.

توظيف الطاقات:

أما عن توظيف الطاقات فنراه صلى الله عليه وسلم يستعمل الشخص المناسب في المكان المناسب: على رضي الله عنه وكرم الله وجهة يأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينام في فراشه ليخدع القوم، ويُسلِّم الودائع الي أهلها من الكفار والمشركين، ويلحق بعد ذلك بالرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة.

عبدالله بن أبي بكر رضي الله عنهما (مسئول الاستطلاع) صاحب المخابرات الصادق، وكاشف تحرُّكات العدو الذي يكون بين الناس في مكة يستمع إلى أحاديثهم ويتعرف على خططهم وما يدبرون، ثم يأتي بالخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه.

أسماء ذات النطاقين رضي الله عنها (مسئول الإمداد والتموين) تحمل التموين والطعام من مكة إلى الغار.

عامر بن فهيرة رضي الله عنه (مسئول المخابرات والتمويه) الراعي الذي يرعى بغنمه في نفس المسار الذي يسير فيه عبد الله بن أبي بكر ليبدد أثر المسير حتى لا يتعقبه المشركون فيصلون إلى مكان النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وهو الذي يروح عليهما بالحليب الذي يشربانه.

عبد الله بن أريقط: دليل الهجرة، وخبير الصحراء البصير، الذي كان على أهبة الاستعداد ينتظر إشارةَ البدء من الرسول؛ ليأخذ الركب طريقه من الغار إلى يثرب.

التضحية:

من أعظم دروس الهجرة تعلم التضحية في سبيل الله تعالى نصرة لدينه، فهذا رسولُ الله – صلى الله عليه وسلَّم – يضطرُّ إلى مغادرة بلده الذي وُلِد فيه وترعرع، وترك أقرباءه وعشيرته، فقال وهو يغادرها بِنَبْرة من الحزنِ

:  واللهِ إنَّك لَخيْر أرْض الله، وأحبُّ أرْض الله إلى الله، ولوْلا أنِّي أُخْرِجْت منْك ما خرجْتُ.

التوكل على الله تعالى:

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ بكل الأسباب الممكنة، وأعد للأمر عدته وخطط تخطيطا محكما، لكنه أبدا لم يركن إلى الأسباب، بل كان متعلق القلب بالله تعالى متوكلا عليه.

﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾

سورة: التوبة( آية رقم 40)

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى