محافظ المركزي المصري: البنوك المركزية تواجه تحديات لتعزيز الاستقرار النقدي

أكد حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، أن هناك تحديات فرضت على البنوك المركزية دورًا أكبر في حماية الاستقرار النقدي، وتعزيز صلابة الاقتصاد، وبناء أنظمة مالية أكثر مرونة لضمان مواصلة تحقيق النمو المستدام، وامتصاص الصدمات غير المتوقعة، والحفاظ على ثقة الأسواق.

جاء ذلك خلال إلقائه الكلمة الرئيسية في الاجتماع السنوي العشرين رفيع المستوى حول الاستقرار المالي والأولويات الرقابية والإشرافية، الذي ينظمه صندوق النقد العربي بالتعاون مع معهد الاستقرار المالي (FSI) ولجنة بازل للرقابة المصرفية في بنك التسويات الدولية بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، وتستمر فعالياته اليوم الخميس.

وأشار المحافظ إلى أن حدة هذه التحديات تزداد في المنطقة العربية نتيجة ارتفاع مستويات الدين العام، وتقلبات أسعار الصرف وأسعار النفط المستمرة، التي تؤثر على المالية العامة، والأنشطة الاقتصادية، وتوقعات المستثمرين، مؤكدًا أهمية الموضوعات التي يناقشها الاجتماع خاصة فيما يتعلق بـ الاستقرار المالي وأولويات الرقابة والإشراف، باعتبارها دعامة أساسية لتحقيق طموحات التنمية في ظل المرحلة الانتقالية المعقدة التي يشهدها الاقتصاد العالمي وما يصاحبها من ارتفاع التضخم وتقلبات السيولة وتحولات جيوسياسية متسارعة.

وسلط السيد المحافظ الضوء على النمو المتسارع للمؤسسات المالية غير المصرفية، التي ارتفعت حصتها إلى نحو 50% من الأصول المالية العالمية، مما يجعلها محركًا مهمًا للأسواق وأداة لتعزيز النمو الاقتصادي والشمول المالي، لكنها في الوقت نفسه تحمل مخاطر أكبر تتطلب أطرًا رقابية متقدمة وشفافة.

كما أشار إلى التوسع الهائل في الابتكار التكنولوجي، خاصة استخدام الأصول الرقمية والعملات المستقرة، التي تضاعفت قيمتها خلال الأعوام الثلاثة الماضية وأصبحت مكونًا مؤثرًا في المدفوعات والتحويلات عبر الحدود، مع التحولات الكبيرة التي يقودها الذكاء الاصطناعي لتعزيز التحليل والرقابة، مشيرًا إلى المخاطر المصاحبة لهذه التطورات، بما في ذلك التباين التنظيمي، والتحيز، وحماية البيانات، وتزايد المخاطر السيبرانية، ما يستلزم بنية رقمية آمنة وتشريعات متطورة.

كما تطرق السيد المحافظ إلى التوترات المصرفية العالمية في عام 2023، خاصة بعد توقف أربعة بنوك عن العمل، والتي كشفت عن قصور معايير السيولة التقليدية في ظل السحب الرقمي السريع وانتقال الأموال الفوري عبر المنصات الإلكترونية، مشيرًا إلى أن هذه الأزمات نتجت عن ضعف الحوكمة، وقصور إدارة المخاطر، ونماذج الأعمال غير المستدامة، والإشراف الرقابي غير الكافي، مما يستلزم تحديث اختبارات الضغط، وتعزيز الجاهزية التشغيلية، وتطبيق إشراف استباقي قادر على اكتشاف المخاطر مبكرًا.

واختتم السيد المحافظ كلمته بالتأكيد على أن تحديات الاستقرار المالي أصبحت عابرة للحدود، ولا يمكن لأي دولة مواجهتها منفردة، ما يجعل التعاون والتنسيق ضرورة لبناء رؤى مشتركة تعزز مرونة الأنظمة المالية العربية، وتدعم قدرتها على مواجهة المخاطر واحتضان الابتكار لخدمة التنمية.

ومن المقرر أن تناقش جلسات الاجتماع عددًا من الموضوعات المحورية، بما في ذلك المخاطر والاتجاهات الناشئة في الأنظمة المالية العربية، وسياسات الاستقرار المالي ودعم النمو، وتطوير العمليات الإشرافية، إلى جانب تنظيم العملات المستقرة، ودور الذكاء الاصطناعي، وإدارة مخاطر السيولة.

وحضر الاجتماع كل من خالد محمد بالعمى محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، وفهد بن محمد التركي المدير العام ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، وفرناندو ريستوي رئيس معهد الاستقرار المالي، ونيل إيشو الأمين العام للجنة بازل للرقابة المصرفية، إلى جانب عدد كبير من محافظي البنوك المركزية بالدول العربية مثل البحرين، تونس، فلسطين، ولبنان، إضافة إلى لفيف من المسؤولين والخبراء.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى