مصرفيون: مصر تسجل انتعاشًا اقتصاديًا مدعومًا بالاستثمارات الخليجية والإصلاحات البنكية”

بعد مرور عام على خطة الإنقاذ المالي في اللحظات الأخيرة، بدأ الاقتصاد المصري يظهر علامات انتعاش واضحة، مدعومًا بالإصلاحات البنكية الهيكلية وانخفاض التضخم وتزايد الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI)، وفقًا لتقارير «بوابة المصرف». وتوقع خبراء أن يصل معدل النمو إلى 4% في 2025، ارتفاعًا من 2.4% في 2024، مع تعافي الاقتصاد من تداعيات جائحة كوفيد-19 وأزمة الحرب في أوكرانيا.
ساهمت الجغرافيا السياسية والموقع الاستراتيجي لمصر، ثاني أكبر اقتصاد في أفريقيا مع قناة السويس وحدودها العربية الوحيدة مع غزة، في ضمان خطة الإنقاذ. قادت الإمارات العربية المتحدة الطريق باستثمارات بلغت 35 مليار دولار، منها 11 مليار دولار ودائع لدى البنك المركزي المصري (CBE)، في مشروع رأس الحكمة السياحي، وهو أكبر استثمار أجنبي مباشر في تاريخ مصر. تلاه صندوق النقد الدولي بـ 8 مليارات دولار، والاتحاد الأوروبي بـ 8 مليارات دولار، والبنك الدولي بـ 6 مليارات دولار، ليصل إجمالي الدعم الخارجي إلى أكثر من 50 مليار دولار.
منذ ذلك الحين، بدأت الإصلاحات الهيكلية لتعزيز الموازنة وتقليص مساهمة القطاع العام وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، أبرزها تعويم الجنيه المصري في مارس الماضي، مما أدى إلى انخفاض قيمته بنحو 40% وإيقاف السوق السوداء للصرف.

أحمد السعيد، رئيس قطاع الاستثمار في البنك الأهلي المصري (NBE)، قال:
“مناخ الاستثمار في مصر يتميز بتفاؤل حذر، وتحسن شعور المستثمرين بفضل وضوح السياسة النقدية وتعزيز التمويل الخارجي. وتُظهر البيئة الاقتصادية استقرارًا في المالية الخارجية وتحسنًا في احتياطيات النقد الأجنبي.”
ظل التضخم مرتفعًا عند 28% في 2024، بعد أن كان 33% في 2023، ومن المتوقع أن ينخفض إلى أقل من 20% هذا العام، بحسب تصريحات سالم مصالحة، رائد الأعمال الاجتماعية ومؤسس شركات ناشئة مثل “باسيتا” و”فيري نايل” و”ويلز”، والتي تركز على حماية البيئة.
احتلت مصر المركز التاسع عالميًا في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة العام الماضي، وتسعى لجذب 42 مليار دولار إضافية هذا العام.

هشام عز العرب، الرئيس التنفيذي لـ البنك التجاري الدولي (CIB)، قال:
“النمو الاقتصادي يسير على الطريق الصحيح، مع توقع زخم أقوى في السنة المالية 2025-2026، مدعومًا بالاستثمار الخاص، والتمويل الخليجي، والإصلاحات الهيكلية، وتشهد قطاعات رئيسية مثل السلع الاستهلاكية سريعة الدوران والأدوية والسياحة والتصنيع توسعًا ملحوظًا.”
حافظ هذا الانتعاش على بقاء بعض المستثمرين في السوق، مثل شركة إلكترولوكس السويدية، التي أرجأت خطط مغادرة مصر، فيما أكدت وكالة موديز تصنيف مصر عند Caa1 مع نظرة مستقبلية إيجابية، وعدّلت وكالات S&P Global وFitch التوقعات من إيجابية إلى مستقرة.
تواصل الحكومة تنفيذ برنامج خصخصة واسع النطاق، مع طرح 30% من أسهم البنك المتحد في أول اكتتاب عام أولي منذ 2021، وتعهد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بطرح ما لا يقل عن 10 شركات جديدة هذا العام، بينها: الوطنية للبترول، صافي للمياه، تشيل آوت مصر، سيلو فودز، مزارع رياح جمال الزيت، والمجموعة المصرية للصناعات الدوائية.
تشمل المشاريع الكبرى في مصر: القاهرة الجديدة بقيمة 59 مليار دولار، توسعة قناة السويس بـ 9 مليارات دولار، خطوط سكك حديدية جديدة، استثمارات صناعية في الأدوية والزراعة وصناعة السيارات، ومشاريع الطاقة المتجددة والتكيف مع تغير المناخ.
في نشاط الدمج والاستحواذ، ارتفع حجم الصفقات بنسبة 27% خلال 2024، بينما انخفضت قيمتها الإجمالية بنسبة 14% بسبب انخفاض قيمة الجنيه، وفقًا لشركة المحاماة العالمية Baker McKenzie. تصدرت الإمارات الصفقات بـ 15 عملية، تليها الولايات المتحدة بـ 10، ثم السعودية بـ 8 صفقات.
تأتي معظم الاستثمارات الأجنبية من صناديق الثروة السيادية الخليجية، بما في ذلك الإمارات وقطر والسعودية والكويت، وتشمل قطاعات اللوجستيات، السياحة، العقارات، والخدمات المصرفية.
تصدر النشاط الريادي الشركات الناشئة المصرية في إفريقيا، حيث جمعت 329 مليون دولار عبر 78 جولة تمويل، أبرزها MNT-Halan بـ 157.5 مليون دولار وNawy بـ 75 مليون دولار، وفق تقرير Magnitt.
تعد البنوك المصرية، مثل CIB وNBE، من بين الأكبر والأكثر ديناميكية في المنطقة، مع توسع خدماتها المالية غير المصرفية، ومبادراتها في التمويل الأخضر والاستدامة، بما في ذلك إصدار سندات خضراء بقيمة 100 مليون دولار بالشراكة مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC).
رغم الانتعاش، لا تزال مصر تواجه تحديات كبيرة، منها اعتماد الإيرادات على تحويلات المصريين العاملين بالخارج، السياحة، وإيرادات قناة السويس، التي انخفضت بنسبة 60% لتصل إلى 4 مليارات دولار، مع ارتفاع الدين الحكومي إلى 90% من الناتج المحلي، وعيش ثلث السكان تحت خط الفقر، ودخول 800 ألف باحث عن عمل سنويًا ،وفقا لتقرير مجلة جلوبال فاينانس
هشام عز العرب اختتم:
“الضغوط التضخمية قد تعود، والتوترات الجيوسياسية مستمرة، والحفاظ على زخم الإصلاح أمر بالغ الأهمية، لكن إذا استمرت مصر على هذا المسار، نتوقع تسارع النمو وتعميق تدفقات الاستثمار.”





