حسن عبدالله: إصلاحات سعر الصرف واستقلال السياسة النقدية أعادت الثقة وجذبت المستثمرين لمصر

أكد حسن عبدالله، محافظ البنك المركزي المصري، أن الإصلاحات النقدية التي نفذها البنك خلال العامين الماضيين كانت «حاسمة وشجاعة»، إذ أسهمت في استعادة الثقة في الاقتصاد المصري وجذب المستثمرين المحليين والأجانب من جديد.
وفي حوار خاص مع مجلة جلوبال فاينانس، أوضح عبدالله أن الاقتصاد واجه خلال تلك الفترة ضغوطًا عالمية غير مسبوقة تمثلت في ارتفاع أسعار السلع وتزايد معدلات الفائدة عالميًا، ما أدى إلى هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة، فضلًا عن تأثر الإيرادات المصرية بتراجع حركة الملاحة في قناة السويس بسبب التوترات الجيوسياسية وهجمات البحر الأحمر.
وأشار إلى أن التضخم المحلي بلغ ذروته في عام 2023 متجاوزًا 35% نتيجة تراجع قيمة الجنيه وارتفاع أسعار السلع المستوردة، مما استدعى تدخلًا قويًا من البنك المركزي عبر رفع أسعار الفائدة بنحو 1900 نقطة أساس خلال الفترة من 2022 إلى 2024 للسيطرة على التضخم واستعادة الانضباط النقدي.
وأضاف أن قرار توحيد سعر الصرف في مارس 2024 مثّل نقطة تحول محورية في السياسة الاقتصادية المصرية، إذ أتاح للجنيه المصري المرونة اللازمة لامتصاص الصدمات الخارجية وأعاد الشفافية إلى سوق النقد الأجنبي، مما ساهم في عودة الثقة للمستثمرين وتدفق الموارد من القنوات الرسمية.
وأوضح عبدالله أن النتائج جاءت سريعة، حيث تراجع التضخم إلى 25.7% منتصف 2024 ثم إلى 12% في أغسطس 2025، ما أتاح للبنك بدء دورة خفض تدريجي للفائدة بإجمالي 525 نقطة أساس منذ أبريل 2025 دون الإخلال بالاستقرار المالي، في وقت وصلت فيه الاحتياطيات الدولية إلى 49.25 مليار دولار — وهو أعلى مستوى منذ تأسيس البنك — لتغطي أكثر من 6.5 أشهر من الواردات.
وأكد محافظ البنك المركزي أن هذه النجاحات أسهمت في تقليص عجز الحساب الجاري إلى 13.2 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2024/2025 مقابل 17.1 مليار في العام السابق، بفضل ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج بنسبة 82% لتصل إلى 26.4 مليار دولار، إلى جانب عودة الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المحلي.
وأشار عبدالله إلى أن البنك المركزي يركّز خلال المرحلة المقبلة على تعزيز مرونة سعر الصرف وتطوير سوق النقد الأجنبي، وتوسيع أدوات التمويل المحلية، مع ضمان بقاء القطاع المالي قويًا وقادرًا على دعم الاقتصاد الحقيقي والقطاع الخاص.
وشدد على أن الاستقرار النقدي والوضوح في التواصل مع الأسواق يمثلان الركيزة الأساسية لبناء الثقة مع المستثمرين، مضيفًا أن البنك يسعى إلى مواءمة سياساته مع أولويات التنمية المستدامة، والتحول الأخضر، والتمويل المسؤول، وتوسيع نطاق الشمول المالي والتمويل الرقمي في مصر.
وفقًا لـ«بوابة المصرف»، يعكس الحوار رؤية البنك المركزي في الانتقال من مرحلة الإصلاح النقدي إلى مرحلة النمو المستدام وجذب الاستثمارات، بما يرسخ موقع مصر كأحد أبرز الأسواق الواعدة في المنطقة.






