ألمانيا تواجه عبئًا اجتماعيًا بقيمة 1.3 تريليون يورو يهدد انتعاش اقتصادها في 2025

تعيش ألمانيا واحدة من أكثر المراحل الاقتصادية حساسية منذ عقود، حيث باتت تكلفة نظام الرفاه الاجتماعي التي تجاوزت 1.3 تريليون يورو تمثل عبئًا متزايدًا على أوروبا’ أكبر اقتصاد، وتهدد قدرته على استعادة النمو بعد عامين متتاليين من الانكماش.

فبعد أن خففت الحكومة قيود الديون الدستورية وبدأت في برنامج إعادة تسليح ضخم، أصبحت قضية الإنفاق الاجتماعي المتضخم محورًا لصراع سياسي واقتصادي داخل ائتلاف المستشار فريدريش ميرتس، وسط تحذيرات من أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي إلى إبطاء النمو ورفع تكلفة العمالة بشكل غير مسبوق.

تشير بيانات بلومبرغ إلى أن الإنفاق الاجتماعي في ألمانيا ارتفع إلى 31.2% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024 – وهي النسبة الأعلى منذ 1960 باستثناء سنوات الجائحة – فيما تستحوذ المعاشات التقاعدية وحدها على نحو ربع الموازنة العامة للدولة.

ويقول خبراء الاقتصاد لـ«بوابة المصرف»، إن الخطر الأكبر لا يكمن فقط في حجم الإنفاق، بل في تسارع شيخوخة المجتمع الألماني، ما يفاقم تكلفة الرعاية الصحية والمعاشات، ويقلص في الوقت نفسه حجم القوة العاملة المنتجة، وهو ما وصفه أحد مستشاري الحكومة بأنه “دوامة مالية غير قابلة للاستمرار دون إصلاح جذري”.

تُظهر التقديرات الرسمية أن مساهمات التأمين الاجتماعي المشتركة بين الشركات والموظفين قد ترتفع من نحو 40% في 2022 إلى 53% من الدخل الإجمالي بحلول 2050، وهو ما يعتبره الاقتصاديون “سمًّا قاتلًا للنمو والاستثمار”.
هذا الضغط الضريبي المرتفع دفع شركات كبرى مثل بوش إلى إعلان خطط لتقليص 13 ألف وظيفة، في محاولة لمواجهة ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف القدرة التنافسية في الأسواق العالمية.

ويشير معهد ZEW في مانهايم إلى أن استمرار الحكومة في سياسة “الترقيع” دون إصلاحات حقيقية في نظام الرفاه والضرائب سيؤدي إلى “فقدان جاذبية ألمانيا كمركز استثماري”، خصوصًا في ظل المنافسة المتصاعدة من الولايات المتحدة والصين.

ورغم إقرار الائتلاف الحاكم تعديلات محدودة على إعانات البطالة وربطها بالحضور الفعلي لمراكز التوظيف، يرى محللون أن الإصلاحات الحالية “سطحية” ولا تمس جوهر الأزمة المتمثل في استدامة التمويل والشيخوخة السكانية.

يأتي ذلك بينما تواجه الحكومة انتقادات داخلية من المعارضة والقطاع الصناعي، في ظل تراجع تصنيف التنافسية الألماني إلى المركز الـ19 عالميًا بحسب تصنيف IMD السويسري لعام 2025، الذي أشار إلى أن ارتفاع كلفة الرفاه أصبح من أبرز التحديات البنيوية أمام تعافي الاقتصاد.

ويؤكد خبراء الاقتصاد لـ«بوابة المصرف»، أن ألمانيا بحاجة إلى “خطة جريئة” تربط بين رفع سن التقاعد تدريجيًا وخفض المساهمات الاجتماعية، على غرار التجربة الدنماركية، لضمان توازن طويل الأمد بين العدالة الاجتماعية والاستدامة المالية.

جاء ذلك وفق ما رصدته «بوابة المصرف» ضمن متابعتها المستمرة لأحدث التطورات الاقتصادية في أوروبا والعالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى