البنوك العالمية تواجه مرحلة جديدة من التحديات وسط تباطؤ النمو وصعود الذكاء الاصطناعي

بفضل الأرباح القياسية التي حققتها خلال العام الماضي، تدخل البنوك العالمية مرحلة جديدة تتسم بانخفاض أسعار الفائدة، وتصاعد التقلبات السياسية، والآمال المذهلة التي ترافق تطور الذكاء الاصطناعي، بحسب ما ذكر تقرير حديث صادر عن مجلة جلوبال فاينانس.

وأكد التقرير أن الوظيفة الأساسية للبنوك تظل قائمة على كونها ملاذًا آمنًا في عالم مضطرب، إلا أن هذا الاضطراب يتزايد بوتيرة غير مسبوقة. ومع ذلك، يدخل القطاع هذه الفترة من موقع قوة نسبية، مدعومًا بالأرباح الأخيرة والإيمان المتزايد بقدرة الذكاء الاصطناعي على إطلاق موجة جديدة من الكفاءة والنمو، رغم مواجهة رياح معاكسة قوية.

وأوضح التقرير أن ارتفاع أسعار الفائدة في السنوات الأخيرة ساهم في توسيع هوامش الربح وزيادة عوائد البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم، لكن مع عودة الأسعار إلى الانخفاض، تواجه المؤسسات المالية تحديات هيكلية.

وأشار التقرير إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يُحدث انقلابًا في السياسات التجارية العالمية، ما يخلق حالة من عدم اليقين قد تؤثر في معدلات الإقراض، في حين تعاني الاقتصادات الآسيوية الكبرى وعلى رأسها الصين من تباطؤ النمو بفعل الإفراط في الإنتاج وضعف الاستهلاك.

كما لفتت المجلة إلى أن المقرضين غير المصرفيين يواصلون التوسع في أنشطة التمويل، بدءًا من صفقات الاستحواذ وصولًا إلى التمويل العقاري العائلي، في الوقت الذي تُشكّل فيه العملات الرقمية وأنظمة الدفع المستقلة تهديدًا متزايدًا للبنوك التقليدية.

ويرى خبراء أن الصدمة الأكبر تأتي من الداخل، إذ تتسابق البنوك العالمية لتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في أعمالها التشغيلية وخدمة العملاء. وقال أميت فورا، رئيس المبيعات في «كريسيل إنترغال آي كيو»، إن الذكاء الاصطناعي أصبح اليوم جزءًا لا يتجزأ من المفردات المصرفية، بينما حذرت ألكسندرا موسافي زاده، المؤسسة المشاركة لشركة «إيفيدنت»، من أن ثمار سباق الذكاء الاصطناعي لا تزال بعيدة المنال، لكنها ستحدث تحوّلًا جذريًا في القطاع بحلول عام 2028.

من جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن السنوات القليلة الماضية وفّرت للقطاع المصرفي احتياطات مالية قوية، إذ ارتفعت إيرادات أكبر 25 بنكًا عالميًا بنسبة 9% في عام 2024، مع تسجيل «جي بي مورغان تشيس» و**«إتش إس بي سي»** أرباحًا قياسية.

في أوروبا، تراجعت أسعار الفائدة الرئيسية إلى 2% بعد أن كانت عند مستويات مرتفعة، بينما خفّض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة إلى 4.25% منذ أغسطس 2024، وسط توقعات بمزيد من التخفيضات خلال العام الجاري. أما اليابان، فقد سلكت المسار المعاكس برفع الفائدة إلى 0.5% بعد سنوات من السياسة السلبية.

ويرى محللون أن البنوك الكبرى في طوكيو في وضع جيد للاستفادة من هذا الاتجاه، بينما يشير خبراء في ستاندرد آند بورز جلوبال إلى أن القطاع المصرفي العالمي يعيش مرحلة انتقالية غير مسبوقة نحو تحرير القيود التنظيمية، ما قد يفتح المجال أمام نمو جديد قائم على الابتكار المصرفي.

ووفقا لـ بوابة «المصرف»، فإن الاتجاه العام في الأسواق يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي سيصبح العامل الحاسم في تحديد الفارق بين البنوك المتقدمة وتلك المتخلفة عن ركب التحول الرقمي خلال السنوات الخمس المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى