أسرار الحجز على أموال محمد عبد السلام وشركاءه بعد إهدار 500 مليون جنيه

في خطوة قضائية أثارت اهتمام الشارع المالي، أيدت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بالقاهرة الجديدة، برئاسة المستشار محمد أحمد الجندي، قرار منع محمد سليمان عبد السلام (محمد سليمان عبد السلام )، الرئيس السابق لشركة مصر للمقاصة والإيداع والقيد المركزي، من التصرف في أمواله. القرار شمل أيضًا عددًا من شركائه المسؤولين عن المخالفات المالية، وهم: إبراهيم محمد أحمد الصاوي، مدير إدارة التوزيعات، وعصام الدين فؤاد أمين غزي، رئيس القطاع المالي، ووائل صابر سيد، مدير إدارة التوزيعات الحالي، بعد أن كشفت التحقيقات عن مخالفات جسيمة أدت إلى إهدار مبالغ هائلة تصل إلى أكثر من نصف مليار جنيه.
التحقيقات الرسمية تكشف الخفايا
وفقًا لتقرير اللجنة الفنية المشكلة من الهيئة العامة للرقابة المالية، فقد ثبت أن الشركة، التي تساهم فيها البورصة المصرية، صرفت شيكات توزيع أرباح دون وجه حق لأشخاص غير مستحقين، ودون أي مستندات رسمية تؤيد هذه العمليات، كما لم يتم تسجيلها في النظام الإلكتروني أو السجلات الرسمية للشركة.
ووفقًا للتحقيقات، بلغ إجمالي المبالغ المصروفة دون وجه حق 502,795,999 جنيهًا مصريًا إضافة إلى 480 ألف دولار أمريكي خلال الفترة من 2008 حتى 2018. وقد صدرت 519 شيكًا بقيمة 223 مليون جنيه بإذن مباشر من عبد السلام، فيما أصدر شركاؤه المذكورون 107 شيكات أخرى بقيمة 279,743,600 جنيه، بالإضافة إلى 10 شيكات بالدولار الأمريكي.
وأضافت التحقيقات أن بعض الشيكات صُرفت لأفراد وهيئات رياضية خلال الفترة من 2016 إلى 2018، على الرغم من قرار الجمعية العامة للشركة بعدم صرف أي أرباح لصالح أنشطة أو شركات تابعة، وهو ما يمثل خرقًا صارخًا للقوانين واللوائح الداخلية للشركة.
النظام الإداري الذي أتاح الفساد
أظهرت التحقيقات أن نظام توقيع الشيكات في الشركة منح رئيس مجلس الإدارة سلطة التوقيع المنفرد، ما استُغل لإصدار شيكات وهمية دون توثيق رسمي، وهو ما مكّن المخالفات من التمدد لعشر سنوات كاملة دون كشفها، مما يثير علامات استفهام حول فعالية الرقابة الداخلية والدور الرقابي للهيئات المختصة.
القرار القضائي وحماية المال العام
استندت المحكمة في قرارها إلى تقرير الهيئة العامة للرقابة المالية، معتبرةً أن صرف هذه المبالغ الهائلة دون وجه حق يشكل تهديدًا مباشرًا للمال العام، ومن ثم كان الحجز على أموال عبد السلام وشركائه إجراءً ضروريًا لضمان عدم تفويت حقوق الشركة والمساهمين حتى انتهاء التحقيقات.
وأكدت مصادر قضائية أن القرار شمل منعهم من التصرف في أي أصول أو أرصدة بنكية أو ممتلكات مادية، مؤقتًا، حتى استكمال جميع الإجراءات القانونية، وهو ما يمثل صفعة قضائية لرموز الفساد المالي في سوق الأوراق المالية المصرية.
أثر القضية على السوق المالية
هذه القضية لا تقتصر على شخص عبد السلام فقط، بل تضع مؤشرًا على الحاجة إلى تعزيز الرقابة على المؤسسات المالية والحوكمة الداخلية، خاصة في الشركات الكبرى المساهمة في البورصة، لضمان عدم تكرار أي إخلالات قد تهدد استقرار السوق المالية بأكملها.





