المستشار محمد عبد السميع يكتب:«الوعي السياسي أداة الديمقراطية بين الأصوات والانتخابات »

أولًا: الوعي السياسي هو إدراك المسؤولية في دائرة أوسع من الأسرة، تمتد إلى المجتمع المحلي المحيط به والمجتمع الدولي الذي يعاصره، والمشاركة في اتخاذ القرار وبناء قناعات شخصية تجاه أفراد المنظومة السياسية ومدى صلاحيتهم والقرارات الصادرة عنهم، وتقبّل الغير لهذه الآراء بالقبول.

ثانيًا: الديمقراطية هي الحرية المطلقة دون قيد أو شرط، ولكي تكون ديمقراطية بنّاءة وليست هدامة يجب أن يشكّلها الوعي السياسي، وهو أن تعلم وتعي ما تقول ومتى تقول، لوضع الديمقراطية في إطارها البنّاء لكي تؤتي ثمارها، والتي تتوقف عند ضرر الآخر. ولأن هذه السمات ليس من المتعهد توافرها إلا في القليل من الأشخاص، فيجب أن يكون لمنظمات المجتمع الدولي والدولة والمؤسسات وحتى الجمعيات الأهلية دور في نشر هذا الوعي؛ كمثال أن تكون هناك مادة “الوعي السياسي” تُدرَّس في الجامعات ليكون لدينا جيل قادر على إدارة التحديات الدولية بعلم وبناءً على دراسة، وليس من متخذي القرار صدفة.

الأصوات والانتخابات

من الجدير بالذكر أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين مفهومي الوعي السياسي والديمقراطية والانتخابات، والذي يتضح ويتبلور في عدة نقاط أهمها: (المعرفة – التحليل – الموقف – الهوية والانتماء – المشاركة). يجب أن يكون لديك وعي ومعرفة لتحليل المشهد السياسي المحلي والدولي وتحديد انتمائك وهويتك لأي حزب أو لأي اتجاه تخطو فيه للمشاركة في القرار والحياة السياسية. وبتطبيق ذلك على المشهد السياسي المعاصر في مصر، وهو انتخابات مجلس النواب 2025، يتضح لنا أن الكثير لا يمتلكون الوعي السياسي، وأصبحت الأصوات مجرد سلعة في بعض الأحيان، إلا أننا نحظى بقيادة سياسية حكيمة لديها من الوعي السياسي ما مكّنها سريعًا من إدراك هذا الخلل، فتدخلت لإلغاء الانتخابات التي يتعذر منها الحصول على صوت الشعب الحقيقي.

وهذا أمر في غاية الخطورة؛ فإصلاح المسار يأتي دائمًا من أعلى الهرم، وهذا عبء فوق المهام الأساسية التي تتحملها القيادة السياسية. ويجب أن يكون هناك دور في نشر الوعي السياسي وكيفية اتخاذ القرار، على أن يكون هناك مركز تدريب تابع لمنظمة مثل الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، أو الأكاديمية العسكرية، أو أكاديمية الشرطة، أو مؤسسة تابعة للجامعات الوطنية لتدريب الكوادر المقبلة على المشاركة في الحياة السياسية أو العمل السياسي.

وأخيرًا وليس آخرًا، أوصي بالتفكر والتدبر وإعمال العقل وإثراء الضمير الوطني والارتقاء بالوعي الديني والثقافة العامة لرفعة بلدنا ووضعها في مكانتها المناسبة على الخريطة الدولية.

ويبدأ ذلك بأن تعطي صوتك بعد البحث عن من يستحق، ويجب أن نعلم أن الامتناع عن التصويت هو تصويت لمن لا يستحق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى