أمريكا على أعتاب شلل حكومي.. الكونغرس يواجه سباقاً أخيراً لتفادي الإغلاق

يواجه الكونغرس الأمريكي مهلة حاسمة تنتهي يوم الثلاثاء، لتمرير تشريع جديد يضمن استمرار عمل الحكومة الفيدرالية، وإلا فإن البلاد ستدخل في إغلاق جزئي يشل عمل مئات الوكالات الحكومية ويضع الاقتصاد العالمي في دائرة الخطر.
وبحسب القوانين الأمريكية، يجب أن يخصص الكونغرس التمويل اللازم لـ438 وكالة حكومية قبل الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، وهو موعد بداية السنة المالية الجديدة. لكن المشرّعين نادراً ما يلتزمون بهذا الموعد، وغالباً ما يلجأون إلى تشريعات إنفاق مؤقتة لشراء الوقت حتى يتم التوصل إلى اتفاق شامل.
وفي حال فشل المفاوضات، ستتوقف الوكالات الحكومية عن جميع الأنشطة غير الأساسية، ما يعني أن مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين سيُجبرون على إجازات مؤقتة من دون رواتب، بينما يواصل موظفو القطاعات “الأساسية” عملهم من دون أجر لحين حل الأزمة.
ما هو الإغلاق الحكومي الأمريكي؟
الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة هو توقف جزئي أو كلي للأنشطة الحكومية غير الأساسية، يحدث عندما يفشل الكونغرس والرئيس في تمرير قوانين الإنفاق اللازمة لتمويل الوكالات الفيدرالية. خلال هذه الفترة، يتم إيقاف مئات الآلاف من الموظفين عن العمل دون رواتب، وتتأثر خدمات عامة مثل المتنزهات الوطنية، الرقابة المالية، والبرامج الاجتماعية. أما الموظفون المصنفون “أساسيين” كالعاملين في الأمن والدفاع والصحة، فيواصلون عملهم ولكن دون أجر فوري.
جذور الأزمة السياسية
الأزمة الحالية تفجرت وسط خلافات حادة بين الجمهوريين والديمقراطيين حول أولويات الإنفاق. فبينما يصر الديمقراطيون على ضرورة إدراج تمويل إعانات الرعاية الصحية الموسعة ضمن أي اتفاق، يرى الجمهوريون أن هذا الملف يجب مناقشته بشكل منفصل.
ويزداد الوضع حساسية في ظل الرئيس دونالد ترامب، الذي تبنى منذ توليه المنصب سياسة تقليص الوكالات الحكومية ووقف مليارات الدولارات من الإنفاق الذي وافق عليه الكونغرس. ورغم سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ، فإن تمرير أي اتفاق يحتاج إلى 7 أصوات ديمقراطية على الأقل في مجلس الشيوخ المكون من 100 عضو.
خلفية تاريخية
شهدت الولايات المتحدة 14 إغلاقاً حكومياً منذ عام 1981، أطولها استمر 35 يوماً بين ديسمبر 2018 ويناير 2019 خلال ولاية ترامب الأولى، ما كبّد الاقتصاد الأميركي خسائر تُقدّر بنحو 3 مليارات دولار، أي ما يعادل 0.02% من الناتج المحلي الإجمالي.
التداعيات المحتملة
يحذر خبراء من أن أي إغلاق مطول هذه المرة قد يفاقم مناخ عدم اليقين في الاقتصاد العالمي، خصوصاً في ظل الحروب التجارية التي يخوضها ترامب، ومعاركه المستمرة مع مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن السياسات النقدية. ومن المتوقع أن تتأثر قطاعات واسعة مثل السياحة، النقل، الرقابة المالية، وحتى خدمات المتنزهات الوطنية.
وبينما يترقب الأميركيون ما ستسفر عنه الساعات الأخيرة داخل أروقة الكونغرس، يبقى شبح الإغلاق الحكومي ماثلاً كأحد أخطر الاختبارات السياسية والاقتصادية أمام إدارة ترامب في ولايته الثانية.





