فجوة الحماية التأمينية العالمية تتجاوز 2 تريليون دولار والذكاء الاصطناعي يوسع الفرص

تتضافر تغير المناخ والتوسع العمراني والتضخم لتفاقم الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير وحرائق الغابات، حيث كشف تقرير سويس ري أن الفرق بين إجمالي الخسائر الاقتصادية العالمية والجزء المغطى بالتأمين ارتفع بنسبة 3.1% على أساس سنوي، ليصل إلى 1.83 تريليون دولار في 2023. ويزداد هذا الفارق عالميًا بما يزيد عن 40% منذ عام 2013، وإذا أُضيفت الخسائر غير المؤمَّن عليها الناتجة عن الجرائم الإلكترونية، فإن حجمها سيتجاوز 2 تريليون دولار.
جوليو تيرزاريول، الرئيس التنفيذي للتأمين في مجموعة جنرالي، أوضح أن “فجوة الحماية تعني أن الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة يفتقرون لآليات أساسية للحد من المخاطر، ما يزيد من الفقر ويؤثر على الاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية المستدامة”. وأكد أن تقليص هذه الفجوة يُعد التزامًا أخلاقيًا وفرصة عمل للقطاع، مشيرًا إلى أهمية مواءمة نماذج الأعمال مع القيم الاجتماعية.
الاحتباس الحراري يزيد الضغط على شركات التأمين
أظهرت دراسة لمجلة The Economist Impact أن 78% من المسؤولين التنفيذيين في قطاع التأمين يعتبرون سد الفجوة التزامًا أخلاقيًا، بينما يرى 76% أنها فرصة عمل هامة. ومع ذلك، تواجه شركات التأمين تحديات متزايدة بسبب الاحتباس الحراري وارتفاع وتيرة الأحداث المناخية، مثل حرائق الغابات في جنوب كاليفورنيا، والتوسع العمراني في المناطق المعرضة للكوارث.
يقول سريدهار مانيم من شركة AMPest: “تزايد تقلبات المناخ يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التأمين وعزوف المستهلكين والشركات عن الشراء، بينما ترفع شركات إعادة التأمين أسعارها وتشدد شروطها”.
في الأسواق المتقدمة، مثل الولايات المتحدة، التي تمثل أكثر من نصف أقساط التأمين العالمية، تقلل شركات التأمين من التغطية في المناطق عالية المخاطر مثل فلوريدا وكاليفورنيا، مما أدى إلى ارتفاع أقساط التأمين بأكثر من 10% في بعض المناطق.
الأسواق النامية.. فرص وتحديات
تشكل الأسواق النامية، مثل الصين والهند وأمريكا اللاتينية، فرصًا كبيرة لنمو التأمين، حيث تغطي التأمينات الاقتصادية الناشئة نسبة ضئيلة من الخسائر. على سبيل المثال، لم يُغط التأمين سوى 6% من الخسائر الاقتصادية في الصين على مدى السنوات العشر الماضية، و91% في الهند، و81% في أمريكا اللاتينية، وفقًا لتقارير سويس ري.
يقول جيمس كولاكو، رئيس التأمين العالمي في Deloitte: “الأسواق النامية أقل انتشارًا، والطبقات المتوسطة الصاعدة تحتاج إلى حماية أكبر”. ويشير تيرزاريول إلى أهمية تطوير منتجات تأمين بسيطة وشفافة، مع برامج تثقيفية للعملاء، ومرونة في الدفع، لضمان وصول التأمين إلى ذوي الدخل المحدود.
الذكاء الاصطناعي مفتاح فعّال للتغطية
يمكن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي سد فجوة الحماية من خلال تحليل المخاطر، تقييم الخسائر، توزيع المنتجات، ومعالجة المطالبات بكفاءة أقل تكلفة. ويقول مانيم: “التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي وبيانات الأقمار الصناعية، تمكّن شركات التأمين من تقدير المخاطر دون الحاجة لوجود مكاتب محلية مكلفة”.
وأضاف كولاكو: “الذكاء الاصطناعي والخدمات الرقمية المتخصصة سيغيران قواعد اللعبة، وسيكون من يتبنّاها أولاً الأفضلية في الأسواق الجديدة”.
شراكات القطاعين العام والخاص ضرورية
يشدد تيرزاريول على أن سد فجوة الحماية العالمية لا يتحقق بمفرد شركات التأمين، بل يحتاج إلى شراكات بين القطاعين العام والخاص لتعزيز الوقاية من المخاطر، التعافي السريع، وآليات تقاسم المخاطر، خصوصًا في المناطق عالية المخاطر.





