رانيا المشاط: نتبنى نموذجًا اقتصاديًا جديدًا يقوده القطاع الخاص ضمن السردية الوطنية للتنمية

شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في فعاليات الدورة الثانية من منتدى القاهرة الذي ينظمه المركز المصري للدراسات الاقتصادية، لمناقشة مستقبل الاقتصاد العالمي والتحديات الناتجة عن الاضطرابات الجيوسياسية وتدهور الأوضاع المناخية، إلى جانب مناقشة مستقبل النظام متعدد الأطراف ومؤسسات التمويل الدولية.

وشاركت الوزيرة في الجلسة الأولى من المنتدى التي ناقشت انكماش موارد مؤسسات التمويل الإنمائية وتأثيره على تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، خاصة في أفريقيا، بحضور ممثلي الأمم المتحدة، والبنك الدولي، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وعدد من مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية.

وفي كلمتها التي ألقتها عبر الفيديو، أكدت «المشاط» أن العالم يواجه واقعًا اقتصاديًا جديدًا في ظل تراجع التمويلات التنموية للدول النامية وارتفاع تكلفة الاقتراض نتيجة الصدمات الاقتصادية المتلاحقة، مشيرة إلى أن الأولوية أصبحت تعزيز استثمارات القطاع الخاص من خلال شراكات فعّالة بين مؤسسات التمويل التنموي والحكومات والقطاع الخاص لحشد الموارد وتوجيهها نحو مشروعات تنموية قابلة للاستثمار.

وأوضحت الوزيرة أن التحدي الحقيقي أمام الدول النامية ليس نقص التمويل، بل غياب المشروعات المؤهلة والجاذبة لرؤوس الأموال الخاصة، مؤكدة أهمية توظيف الخبرات الفنية لبنوك التنمية متعددة الأطراف لدعم الدول في إعداد مشروعات قادرة على تحفيز الاستثمار وتحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية مستدامة.

وتحدثت الوزيرة عن مفهوم «الصالح العام العالمي» الذي يعكس الحلول التنموية ذات التأثير الإقليمي والدولي، مؤكدة ضرورة أن تعطي مؤسسات التمويل الأولوية للاستثمارات التحفيزية ودمج القدرة على الصمود والتكيف المناخي في محافظها الاستثمارية، مع التركيز على الاستثمار في رأس المال البشري عبر التعليم والتدريب والصحة وربط التمويلات بنتائج محددة.

وأضافت أن هناك حاجة متزايدة إلى آليات تمويل مشتركة وصناديق متعددة الأصول لتعبئة موارد مؤسسات التمويل الدولية، بما يتيح حشد أكبر لرأس المال الخاص وتعزيز الشراكات بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق نتائج تنموية طويلة الأمد.

وفي هذا السياق، أشارت إلى أن منصة الضمانات الجديدة لمجموعة البنك الدولي تمثل أداة مهمة لتسريع جذب الاستثمارات وخفض المخاطر وتحفيز مشروعات البنية التحتية والمناخ بكفاءة وشفافية أعلى.

وعن التجربة المصرية، أوضحت «المشاط» أن الدولة تتبنى من خلال «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية» نموذجًا اقتصاديًا جديدًا يقوده القطاع الخاص ويركز على القطاعات الإنتاجية والتصديرية، حيث تستهدف الحكومة رفع نصيب استثمارات القطاع الخاص إلى 66% من إجمالي الاستثمارات بحلول 2030، وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 82%، مع حوكمة الاستثمارات العامة لإتاحة حيز مالي أكبر لقطاعات التعليم والصحة وتحفيز استثمارات القطاع الخاص.

وأكدت أن مصر تعمل على توسيع مشاركة القطاع الخاص عبر أدوات تمويل مبتكرة لخفض المخاطر بالتعاون مع مؤسسات التمويل التنموي الدولية، ومن بينها منصة الضمانات الموحدة للبنك الدولي، وآلية ضمانات الاستثمار مع الاتحاد الأوروبي، وآلية تحفيز مشروعات الشراكة مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.

كما أشارت إلى آلية مبادلة الديون مع ألمانيا وإيطاليا التي أسهمت في تمويل مشروعات تنموية في مجالات التنمية الريفية والتعليم والأمن الغذائي وخلق فرص العمل، موضحة أن مصر أطلقت مؤخرًا أول برنامج مبادلة ديون مع الصين على مستوى العالم.

واختتمت الوزيرة كلمتها بالتأكيد على أن المنصات الوطنية تُعد من أهم الأدوات لحشد التمويلات والدعم الفني، بما يتيح تنفيذ مشروعات كبرى أكثر تأثيرًا من المشروعات الفردية، مشيرة إلى أن الاستقرار ووضوح السياسات الاقتصادية هما الشرطان الأساسيان لحشد التمويل وتحفيز المشاركة الاستثمارية في الدول النامية والاقتصاديات الناشئة.

ووفقًا «بوابة المصرف»، تمثل مشاركة مصر في منتدى القاهرة تأكيدًا على دورها الرائد في صياغة رؤية جديدة للتنمية الاقتصادية تعتمد على الشراكات الذكية والتمويل المبتكر، وتستهدف تعزيز مرونة الاقتصاد المصري في مواجهة المتغيرات العالمية وتحقيق نمو مستدام يقوده القطاع الخاص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى