محمد أنور يكتب:« القوة الناعمة والمهيمنة (الإعلام الإلكتروني)»

يشهد العالم تطورًا مخيفًا في الصراعات الدولية مع تطور التكنولوجيا الحديثة والفضاء الإلكتروني، حيث أثرت هذه التكنولوجيا الحديثة والإعلام الإلكتروني على مفهوم القوة وخصائصها وتحولاتها.

أحدثت الثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم منذ بداية القرن الواحد والعشرين عاملاً نوعيًا أحدث تغييرات كبيرة على مستوى الصراعات الدولية، وأبرزت طفرة كبيرة في الإعلام المحلي والدولي، وهو الأمر الذي أدى إلى ظهور تحولات جديدة وجذرية سواء على المستوى الثقافي أو الاجتماعي أو السياسي.

استطاع الإعلام الإلكتروني، وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، أن يلعب دورًا مؤثرًا في حركات احتجاجية واجتماعية عديدة حول العالم، وشهد استخدام الإعلام الإلكتروني توسعًا هائلًا وتحولًا إلى قوة ناعمة مهيمنة، ونتج عن ذلك تغييرات جذرية في توسع الاستخدام لمنصات الإعلام الإلكتروني سواء من قبل الدول والمؤسسات الكبرى أو التنظيمات والأفراد.

ظهرت أهمية الإعلام الإلكتروني كأداة من أدوات الحشد والتعبئة لقضايا ومفاهيم تروج لأجندات بعينها، مثل تدوير أخبار على مواقع إلكترونية إخبارية لخلق أزمة سياسية كبيرة، أو فضح وتسريب معلومات استخباراتية أو غيرها، أو ترويج لعقائد ومفاهيم أيديولوجية بعينها. إذ استخدمت المواقع الإلكترونية للدعوة والتبشير بالأيديولوجيات والأديان والعقائد المختلفة.

تطورت العلوم الاجتماعية والنفسية التي أعطت بعدًا جديدًا لمفهوم النشاط الإعلامي، فالعصر الذي نعيشه هو عصر الدعاية بامتياز، وترتكز هذه الدعاية على الإعلام، حيث للإعلام دور كبير في التأثير على الرأي العام والجمهور، فيتشكل هذا الرأي وفقًا للأجندة المرسومة له.

تفرض السلطة أنواعًا عديدة من القيود على وسائل الإعلام، سواء المملوكة للأفراد أو الجماعات، وذلك للحفاظ على طبيعة حكمها. حيث توجه الدول تهماً كثيرة وخطيرة لمالكي الصحف والقنوات التلفزيونية، مثل: الانقلاب على الدولة، أو المشاركة في نشاط هدام يؤدي إلى الانقلاب على الدولة. كما توجد قيود من الأموال السرية التي تمنح من خلال الدولة لأصحاب الصحف أو الصحفيين، لشراء ذممهم كي يروجوا لسياستها بعيدًا عن الصحف الرسمية، أو فرض ضرائب وقيود على الصحف التي تبدو أكثر عداءً للحكومة بما تملكه من انتشار واسع وجرأة على النقد.

الحقيقة أن هذه القدرة على التحجيم قلت بشكل كبير مع صعود الإعلام الإلكتروني. فلا ريب أن الدول والحكومات لا تزال قادرة على وضع عراقيل تلو الأخرى على وسائل الإعلام التقليدية، وفي بعض الأحيان على وسائل الإعلام الإلكتروني.

لكن يصعب الأمر بشكل كبير في فرض الرقابة مع التقدم الهائل الذي يتيح تجديدًا دائمًا لوسائل النفاذ إلى الرأي العام عبر مواقع وتطبيقات مختلفة، مثل مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، ووسائل وبرامج تتيح كسر الحجب الإلكتروني الذي تفرضه بعض الحكومات على مواقع بعينها، وكذلك إتاحة مواقع كثيرة لمدونين لديهم القدرة على إنشاء مواقعهم الشخصية وإدارتها بأنفسهم. ومن ثم سيصبح لكل مدون القدرة على النفاذ إلى الرأي العام من خلال موقعه الشخصي، وقد تتعدى في بعض الأحيان زيارات هذه المدونات والمواقع الشخصية زيارات الصحف القومية أو الخاصة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى