الدكتور محمد عمران يكتب :« ميلاد أمة في ميلاد رسول الإسلام »

في الثاني عشر من ربيع الأول، لم يولد مجرد إنسان، بل وُلدت أمة، وتفتحت أبواب النور في قلب ظلام الجاهلية. كان ميلاد النبي محمد ﷺ لحظة فارقة في تاريخ البشرية، إذ لم يكن حدثًا عابرًا، بل بداية لرسالة خالدة، غيّرت وجه الأرض، وأعادت تشكيل الإنسان من جديد.
لم يكن ميلاده مجرد حدث بيولوجي، بل كان إيذانًا بميلاد أمة تحمل مشعل الهداية، وتنهض برسالة السماء، وتعيد للإنسان والإنسانية كرامتها، وللحياة معناها.
ولد النبي ﷺ في بيئة تتخبط في الجهل والظلم، حيث كانت القيم الإنسانية في انحدار، والعبادات مشوهة، والقلوب عطشى للحق. ومع ذلك، فإن هذا المولود المبارك جاء ليكون رحمة للعالمين، كما قال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)
سورة الأنبياء: الأية 107
حين نزل الوحي على النبي ﷺ في غار حراء، بدأت رحلة التحول من أمة ممزقة إلى أمة موحدة، من عبادة الأصنام إلى عبادة الواحد الأحد، من التناحر القبلي إلى الأخوة الإيمانية.
لقد بعث الله محمد في وقت كانت فيه البشرية على شفا حفرة من النار، فأنقذها برسالة الإسلام، التي جمعت بين الروح والعقل، وبين الدنيا والآخرة.
لم تكن أمة الإسلام مجرد تجمع بشري، بل كانت عقيدة، ومنهج حياة. تأسست على الإيمان بالله الواحد الأحد، والعلم والعدل والرحمة والعمل. حمل الصحابة الراية من بعد النبي ﷺ، ونشروها في الآفاق، فدخل الناس في دين الله أفواجًا، وتحوّلت الأمة من ضعف إلى قوة، ومن فرقة إلى وحدة.
كلما أشرقت ذكرى المولد النبوي، تذكر المسلمون نعمة الله عليهم، إذ أرسل إليهم نبيًا كريمًا، هاديًا ومبشرًا. إن الاحتفاء بميلاده ليس طقسًا احتفاليًا فحسب، بل هو تجديد للعهد، واستحضار لمعاني الرسالة، وتأكيد على أن ميلاد النبي ﷺ هو ميلاد النور في قلوبنا، وميلاد الأمل في واقعنا.





